02 أكتوبر 2010

تقرير عن الرقابة الذاتية في «غوغل»: التجربة الصينية


ربما يروق لكثير من مستخدمي «غوغل» أن ينظروا إليه باعتباره مساحة للحرية في المعلومات، لكن بحثاً معمّقاً أجرته مؤسسة أميركية مُدافعة عن الحقوق الرقمية للمواطن والحريات الإلكترونية يظهر ان هذه الصورة ليست دقيقة.
وأجرى موقع إلكتروني تابع لمؤسسة «انترنت فريدوم» (ترجمتها حرفياً «حرية الانترنت») بحثاً عن الرقابة الذاتية في موقع «غوغل».
ونشر البحث على موقع تلك المؤسسة «إنترنت فريدوم. أورغ» internetfreedom.org. وقارن البحث ما يحصل عليه الجمهور من نتائج جراء استخدام الموقع العالمي لـ «غوغل» وبين النتائج عينها في الموقع الصيني.
وتجدر الاشارة الى أن التجربة الصينية لـ «غوغل» اكتسبت أهمية متزايدة أخيراً، بسبب المدى الذي بلغته من ناحية، ولأن شركة «غوغل» تتوسع باستمرار في صنع مواقع إقليمية تخص كل دولة على حِدة، ما يفسح المجال أمام حدوث تفاوتات واسعة في الحصول على معلومات، لأن «غوغل» تعلن دوماً انها تعمل بالانسجام مع القوانين السارية في كل بلد على حِدة.
التجربة الصينية
أول ما يلفت في هذا البحث الذي أجرته مؤسسة «إنترنت فريدوم»، أن موقعي الشركة العالمي «غوغل.كوم» google.com والصيني «غوغل. سي أن» google.cn يستخدمان لائحتين سوداويتين لاستبعاد بعض النتائج. وإضافة إلى ذلك، فعند دخول الموقعين من الصين، تظهر صفحات ذات صفة خاصة في نتائج البحث صينياً. ومع إعطاء موقع «غوغل. سي أن» تقنيات متقدّمة في تصنيف نتائج البحث على «غوغل»، يصبح هذا الموقع الشريك النموذج للحملات الترويجية للحكومة الصينية.
هناك مسألة التأثير على النتائج التي يحصل عليها مستخدم محرك البحث «غوغل». فعلى صعيد المسائل التي يعتبرها نظام الحزب الشيوعي الصيني حساسة للغاية، فإن البحث عن المعلومات باستخدام خيار «المواقع كلها» لا يجدي، إذ يظل البحث محصوراً بمواقع الويب داخل الصين. وبالتالي، تأتي النتائج مطابقة تماماً لتوجهات الحزب الحاكم.
ومن الأمثلة على ذلك، الفارق الشاسع في نتائج البحث عند استخدام الكلمة الصينية «فالون غونغ» (وهي حركة مُعارِضة لها طابع روحاني)، حيث تأتي نصف نتائج البحث على الموقع العالمي من جهات مؤيدة لحركة «فالون غونغ»، في الوقت الذي تأتي فيه نتائج البحث على الموقع الصيني مملؤة بالتشهير.
أما بالنسبة إلى المسائل الأقلّ حساسية، تعتمد الحملات الترويجية في الصين تعديلاتٍ دقيقة مقارنةً بمواقع الويب الخارجية. وفي حالاتٍ مماثلة، يستبعد الموقع الصيني النتائج من المواقع الإلكترونية المحظورة، وهو أمر كافٍ لتقديم حملة ترويجية للنظام.
ويأتي مثال آخر على ذلك، عند إجراء بحث باستخدام «العراق+ أميركا» بالصينية، إذ يأتي الرد على الموقع الصيني محملاً بالمقالات التي تسلط الضوء على مدى ضعف الدعم للحرب أميركياً وعالمياً، ومدى نفاق الجيش الأميركي في قضية تعذيب السجناء.
هناك أمر آخر. فعند دخول الموقعين الصيني والعالمي من بلاد العم ماو، يجري استبعاد نتائج كثيرة، كما تظهر نتائج لا تتواجد عند البحث عن بعض الموضوعات من خارج الصين. ويؤكد ذلك ما هو معروف من اتّباع «غوغل» للتعليمات التي تسنّها الحكومات. والمعلوم ان مسألة تصنيف نتائج البحث ما زالت عملية شائكة تقنية، ما يزيد مزيداً من التعقيد على مسألة الحصول على المعلومات من «غوغل» في الصين.
وبالعودة الى المثال عن «العراق +أميركا»، تؤدي عملية البحث على «غوغل» للحصول على 1950 ألف نتيجة عن استعمال الموقع العالمي من الولايات المتحدة. ويرتفع العدد عينه الى 4960 ألف نتيجة عن دخول الموقع عينه من الصين، وهو قريب مما يحصل عليه المرء عند استعمال الموقع الصيني لـ «غوغل»!
وطبّق الموقع الأخير أيضاً، عمليات إعادة توجيه متنوّعة، بحيث تكون بحوث المستخدم محصورة عملياً بصفحات الويب في الصين، حتى لو طلب المستخدم أصلاً خيار «كل الصفحات» على محرك البحث. ويتكرر ذلك الأمر عينه عند البحث عن بعض الكلمات الأساسية «البالغة الحساسية».
وكذلك يلاحظ أن الوصف السابق ينطبق على البحث عن الصور والأخبار أيضاً.
يد الحزب تقمع المعلومات
ووفقاً لتقارير إحصائية حديثة في شأن تطور الإنترنت في الصين صدرت عن «مركز معلومات شبكة الإنترنت الصيني»، يعتبر محرّك البحث «غوغل» بمثابة أحد أكثر وظائف الإنترنت الثلاث الأكثر استخداماً، كما يشكل الوسيلة الأهم لمعرفة المزيد عن الموقع المستجدة على الانترنت.
ومع ثورة المعلوماتية، أصبح محرك البحث بمثابة وسيلة إعلامٍ جديدة. وفي سياق غير متوقع، يشكّل الموقع الصيني لـ «غوغل» مثالاً عن كيفية استخدام التقنيات المتطوّرة لتعزيز النظام الشيوعي.
فمن خلال استبعاد المحتويات من المواقع الرقمية يصعُب على معظم مستخدمي الموقع الصيني لـ «غوغل» أن يدركوا وجود مواقع محظورة أصلاً، فكيف بالأحرى أن يبحثوا عن وسائل للوصول إليها؟
عند حظر كلمة أساسية، يعمد هذا الموقع الى حصر نتائج البحث بمواقع الويب الموجودة في الصين، من دون تحذير. وعادةً ما تُظهر نتائج البحث المرتبطة بهذه الكلمات فارقاً شاسعاً عند مقارنة الموقع الصيني لـ «غوغل» مع المواقع الإخبارية التي تعمل خارج الصين. وتتضمّن هذه الكلمات «مسائل حساسة» مثل «فالون غونغ»، المقالات التسعة عن الحزب الشيوعي، الرابع من حزيران (يونيو) وغيرها.
لن تظهر مواقع الويب المحظورة مطلقاً عند استخدام موقع «غوغل» الصيني، لأن هذه المواقع تميل إلى نقل معلومات واسعة عن مسائل حقوق الإنسان في الصين باللغة الصينية.
وتشمل قائمة الحظر المواقع التالية:
rfa.org، و minghui.ca، minghui.cc، epochtimes.com، dajiyuan.com، kanzhongguo.com ، voa.gov، secretchina.com، renminbao.com ، peacehall.com، bbc.co.uk، libertytimes.com.tw، hrichina.org، hrw.org، falundafa.org، chinese.faluninfo.net
وتجدر الإشارة إلى أنّه عند استثناء نتائج بحث معينة، لن يرى المستخدمون ما ينبئهم بذلك، إلا عندما يصلون الى آخر صفحة البحث. وتنصّ رسالة التحذير المكتوبة باللغة الصينية على ما يلي: «وفقاً للقانون والسياسة المحلية، لن يتم عرض بعض النتائج».
صحيفة الحياة، 21/9/2010